الانتشار العالمي للرياضات الإلكترونية: من هواية إلى ظاهرة عالمية تجذب الملايين
لم تعد الرياضة حركة بدنية فقط، وألعاباً جسدية، ففي ظل العزلة والوضع الاقتصادي الصعب انتشر ما يسمى بالألعاب الإلكترونية، أي الألعاب على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الافتراضية، والتي لم تعد ألعاب لتمضية الوقت فقط، بل أصبحت مصدراً لتحقيق الدخل، إذ تسير في مسار المنافسات وباتت تعرف دولياً بالرياضات الإلكترونية.
الرياضات الإلكترونية أو ما يعرف بالـ eSports هي عبارة عن مجموعة من الألعاب الإلكترونية التي تُقام بشكل تنافسي وتجذب ملايين اللاعبين حول العالم. وما كان يُعتبر في السابق هواية للشباب، أصبح الآن ظاهرة عالمية تحظى بشعبية كبيرة وتجذب اهتمام الملايين.
في السنوات الأخيرة، شهدت الرياضات الإلكترونية انتشاراً سريعاً وغير مسبوق في جميع أنحاء العالم. فقد تطورت هذه الصناعة من كونها مجرد هواية للشباب إلى صناعة ضخمة تحقق أرقاماً قياسية في عدد المشجعين والإيرادات. ففي عام 2019، بلغ إجمالي دخل صناعة الرياضات الإلكترونية حوالي 1.1 مليار دولار.
ما هي نقطة التحول من ألعاب الفيديو إلى الرياضة الإلكترونية؟
يمكننا القول بأن ولادة مفهوم الرياضات الإلكترونية كان مع أول لعبة فيديو وهي Tennis for two وهي عبارة لعبة تنس لشخصين أي لا يمكن اللعب إلا بوجود شخصين معاً، وهي اللعبة التي لم تلقَ رواجاً وبقيت فقط على مستوى المختبر الوطني Brookhaven، حيث لم تشهد اللعبة لاعبين محترفين أو رعاة أو حتى لوحات نتائج.
لقد تم عمل أول مسابقة تنافسية تخص الألعاب الإلكترونية في عام 1972 والتي تم استضافتها من قبل جامعة Standford التي تعد من بين أشهر الجامعات في العالم، وكانت اللعبة التي يقوم عليها التحدي هي لعبة Spacewar وهي لعبة جماعية تتمثل في تحدي بين مركبتين كل مركبة تحاول تدمير المركبة الأخرى، يكافئ فيها الفائز باشتراك لمدة سنة في مجلة Rolling Stone وهي مجلة متخصصة في أخبار الأفلام والموسيقى.
ما هي أهم العوامل التي ساهمت في انتشار الرياضات الإلكترونية؟
1- تطور التكنولوجيا:
مع تطور التكنولوجيا وانتشار الإنترنت، أصبح من السهل على اللاعبين من جميع أنحاء العالم التواصل واللعب مع بعضهم البعض في ألعاب إلكترونية.
2- ارتفاع مستوى المهارة:
مع تقدم التكنولوجيا، أصبحت الألعاب الإلكترونية أكثر تقدماً وتحدياً، مما جذب المزيد من اللاعبين وأثار رغبتهم في تطوير مهاراتهم والمنافسة على المستوى الدولي.
3- دعم شركات التكنولوجيا:
بدأت شركات التكنولوجيا في دعم صناعة الرياضات الإلكترونية من خلال تطوير أجهزة للألعاب وإقامة بطولات ودورات للاعبين.
4- ازدياد شهرة المحترفين:
مع زيادة عدد المشاركين في بطولات الألعاب الإلكترونية، بدأت شهرة اللاعبين المحترفين في الارتفاع، مما جذب المزيد من اللاعبين والمشجعين.
5- تغطية إعلامية واسعة:
بدأت وسائل الإعلام في تغطية أحداث الرياضات الإلكترونية وبطولاتها، مما ساهم في زيادة الوعي والاهتمام بهذه الظاهرة.
6- انخفاض تكاليف المشاركة:
بالمقارنة مع الرياضات التقليدية، فإن ممارسة الرياضات الإلكترونية لا تتطلب تكاليف عالية، مما يجعلها أكثر إمكانية للجمهور.
7- احتواء أغلب فئات المجتمع:
يستطيع جيل كبير من المشجعين من جميع الأعمار والجنسيات والخلفيات المشاركة في هذه الرياضات دون أية قيود.
8- دخول رؤوس أموال كبرى:
بدأت شركات كبرى وصانعو ألعاب إلكترونية في الاستثمار في هذه الصناعة، مما ساهم في تطويرها وانتشارها.
إن لهذا الانتشار جوانب إيجابية عديدة على الاقتصاد والثقافة، نذكر بعض هذه الجوانب:
1- تعزيز التواصل والتعاون العالمي:
يساعد الانتشار العالمي للرياضات الإلكترونية على توسيع دائرة التواصل والتفاعل بين اللاعبين من مختلف أنحاء العالم. فهذه الرياضات تجمع بين لاعبين من جنسيات وثقافات مختلفة، مما يسهم في تحقيق التفاهم والتقارب بين الشعوب.
2- فرص اقتصادية ووظائف جديدة:
تشكل صناعة الرياضات الإلكترونية سوقاً عالمية ضخمة، حيث يستثمر الملايين في شراء المعدات والأجهزة وشراء تذاكر المباريات وحضور المؤتمرات والفعاليات المخصصة لهذه الرياضات. كما أن هذه الصناعة توفر فرص عمل للكثير من الأشخاص في مجالات مثل التسويق، التقنية، إدارة المباريات، إدارة الأحداث، وغيرها.
3- تطوير مهارات جديدة:
تتطلب الرياضات الإلكترونية مهارات مختلفة عن التقاليد الرياضية التقليدية، مثل التركيز والسرعة والتعاون وحل المشكلات. وبالتالي، فإن لعب هذه الألعاب يمكن أن يساعد على تطوير مهارات جديدة لدى اللاعبين، وقد تكون مفيدة في حياتهم الشخصية والمهنية.
4- ترويج لثقافة المجتمعات المختلفة:
تساعد الرياضات الإلكترونية على نشر ثقافة المجتمعات المختلفة حول العالم، حيث يشارك في هذه الألعاب لاعبون من خلفيات ثقافية مختلفة. كما أن بطولات هذه الرياضات تستضيف في دول مختلفة، مما يسمح لجمهور عالمي بالتعرف على ثقافات جديدة.
5- تحسين صورة اللاعبين:
كانت الرياضات الإلكترونية في السابق محل سخرية للجميع، أما الآن فيشمل مجال الرياضات الإلكترونية العديد من المسارات المهنية ذات العائد الجيد والمرموق.
وبهذا نستطيع القول أن الرياضات الإلكترونية قد تحولت من مجرد هواية لبعض الأشخاص إلى ظاهرة عالمية جذبت الملايين. ومع استمرار تطور التكنولوجيا وزيادة انتشار الإنترنت، فإن هذه الظاهرة ستستمر في النمو والتأثير على المجتمعات والثقافات حول العالم. فلنستمتع بمشاهدة ودعم هذه الرياضات المثيرة، ولنكون جزءاً من هذه الظاهرة التي تجسد قوة التكنولوجيا في خلق رياضة جديدة وجذب الملايين من المشجعين.